لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم

Publié le par Fatimaezzahra


 




                         دروس مستفادة من الإساءة إلى خير البرية                     

        عندما يقرأ المسلم حادثة الإفك في القرآن الكريم وكيف ترك الله تعالى المسلمين شهرا كاملا والفتنة تموج في المجتمع وتكاد تعصف به والرسول صلى الله عليه وسلم يسأل من حوله، ووقف رسول الله صلى الله عليه وسلم وسط الفتنة على المنبر فقال: من يعذرني من رجل بلغني أذاه في أهلي (يعني عبدالله بن أبي بن سلول رأس النفاق) فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا وما كان يدخل على أهلي إلا معي(يعني مسطح بن أثاثة بن عباد بن عبدالمطلب)، فقام سعد بن معاذ رضي الله عنه فقال: يارسول الله أنا والله أعذرك منه. ان كان من الأوس ضربنا عنقه، وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا فيه أمرك، فقام سعد بن عبادة –رضي الله عنه- وهو سيد الخزرج، وكان رجلا صالحا ولكن أخذته الحمية فقال لسعد بن معاذ: كذبت لعمر الله، لا تقتله ولا تقدر على ذلك , فقام أسيد بن حضير رضي الله عنه وهو ابن عم سعد بن معاذ فقال لسعد بن عبادة كذبت لعمر الله لتقتله، فانك منافق تجادل عن المنافقين، فثار الحيان الأوس والخزرج حتى هموا أن يقتتلوا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر، فلم يزل يخفضهم حتى سكتوا ونزل، انتهى.

        هذا مشهد واحد من عشرات المشاهد التي وقعت في حادثة الإفك، وهو مشهد مؤلم غاية الإيلام لرسول الله صلى الله عليه وسلم الذي اتهم في عرضه وأهل بيته والناس يخوضون في الموضوع عن عمد من جانب المنافقين، وعن جهل من جانب بعض المسلمين، والصديق رضي الله عنه يحترق، والرسول الكريم يتألم، وأم المؤمنين عائشة تبكي، ومسطح رضي الله عنه متهم وتصل الفتنة إلى ذروتها.

        تقول السيدة الطاهرة المطهرة بآيات القرآن أم المؤمنين عائشة: (وبكيت يومي ذلك لا يرقأ لي دمع، ولا اكتحل بنوم، ثم بكيت ليلتي المقبلة لا يرقأ لي دمع ولا اكتحل بنوم، فأصبح أبواي عندي، وقد بكيت ليلتين ويوما حتى أظن أن البكاء فالق كبدي)، ثم قالت: فبينما نحن كذلك اذ دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جلس، ولم يجلس عندي من يوم قيل فيّ ما قيل قبلها، وقد مكث شهرا لا يوحي إليه في شأني بشئ، فتشهد حين جلس، ثم قال: (اما بعد فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا فإن كنت بريئة فسيبرئك الله تعالى، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله تعالى وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب، تاب الله عليه).

ثم تقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:

  فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته قلص دمعي حتى ما أحس منه بقطرة، فقلت لأبي: أجب عني رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال، قال: والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت لأمي: أجيبي عني رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال، قالت: والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: وانا جارية حديثة السن لا أقرأ كثيرا من القرآن، فقالت: إني والله أعلم أنكم سمعتم حديثا تحدث الناس به، واستقر في نفوسكم وصدقتم به، فلئن قلت لكم: إني بريئة لا تصدقوني بذلك، ولئن اعترفت لكم بأمر والله يعلم أني منه بريئة لتصدقني، فوالله ما أجد لكم ولي مثلا إلا أبا يوسف إذ قال: "فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ "{ يوسف 18} ثم تحولت فأضجعت على فراشي، وأنا والله مبرئي ببرائتي ولكن والله ما كنت أظن ان ينزل الله تعالى في شأني وحيا يتلى، ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله تعالى فيّ بأمر يتلى، ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم رؤيا يبرئني الله تعالى بها، فوالله ما رام مجلسه ولا خرج أحد من أهل البيت حتى أنزل الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء، فسرى عنه، وهو يضحك فكان أول كلمة تكلم بها رسول الله أن قال لي: يا عائشة احمدي الله تعالى فانه قد برأك.

        فقالت لي أمي: قومي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: والله لا أقوم إليه، ولا أحمد الا الله تعالى، هو الذي أنزل براءتي فأنزل الله تعالى : " إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ " (النور11). والإفك كما نعلم هو أقبح الكذب وأفحشه وقد بلغ ذروته في اتهام أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بالفاحشة.

   والعجيب ان الله تعالى ترك الناس يموجون مده شهر في الموضوع بينما عندما اشتكت خولة بنت ثعلبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجها أوس بن صامت عندما قال لها "أنت عليّ كظهر أمي" وحكم هذا القول هو التحريم المؤبد للمرأة، وبعد جدال قصير بينها وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أنزل الله تعالى قوله: "قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ " (المجادلة 1).

   فكيف استجاب الله تعالى للمجادلة وترك المسلمين شهرا في فتنة حادثة الإفك؟

   ثم يقول الله تعالى "إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ "(النور1) .

   فهو خير للمسلمين ليعلموا مكايد العدو لهم وانه يريد ان يطعنهم في شرفهم وشرف نبيهم، وشرف زوجاته وشرف الصديق أعز أصحابه اليه. وهو خير حيث كشف الله تعالى المنافقين والأعداء.

   وما يحدث الآن من تهجم على رسولنا الكريم أقل كثيرا مما حدث يوم الإفك، وهو بكل تأكيد خير للمسلمين وهذه بعض الدروس المستفادة من هذا:

-         ما يحدث الآن يكشف عن الحقد الصليبي الصهيوني الدفين على نبي الاسلام والمسلمين وهذا يكشف حقدهم واضحا أمامنا ويظهر خفايا نفوسهم المريضة.

-         ما يحدث الآن يبين للمسلمين أهمية ان يصحوا من رقادهم وتخلفهم وان يعملوا على عودة امتهم على دينها ومجدها وعزتها التي جعلت أحد ملوك الفرنجة يبعث لحاكم المسلمين ببناته ليتعلمن الأخلاق في بيت الحاكم المسلم ويقول له في نهاية الخطاب "خادمكم المطيع".

-         ما يحدث الآن يبين أهمية الوحدة الإسلامية على الكتاب والسنة والتنبه للعملاء من العلمانيين والليبراليين من بني جلدتنا.

-         ما يحدث ينبهنا الى الخطر القادم من أعداء الله ومن المنافقين في ديارنا.

-         ما يحدث نبه الكثير من غير المسلمين في الغرب إلى أهمية دراسة الإسلام الذي حسبوا أنه يهددهم في حياتهم فتعرف الناس دين الله ودخلوا في دين الله أفواجا.

-         ما يحدث ينبه المسلمين في الغرب إلى المخططات التي تحاك لهم لاستفزازهم للوقوع في الأعمال المخلة بالأمن فتكون ذريعة لطردهم من الغرب وأمريكا.

-         على المسلمين في الغرب التزام الهدوء والتنبه للمؤامرة وعليهم العمل على التمكين العلمي والخلقي والسياسي للمسلمين في الدول الغربية لافساد المخططات الصهيونية الصليبية التي تحاك لهم.

-         ما حدث ينبهنا الى اهمية التمسك بديننا، وأهمية التمكين العلمي والخلقي للمسلمين في ديارهم، علينا بالتعليم والتعلم للعلوم الكونية لنستطيع الاستغناء عن أعدائنا في العالم وإعداد العدة لنهضتنا العلمية والتقنية الخلقية.

-         ما حدث يبين لنا اننا أصبحنا العدو الأول للغرب والأمريكيين وغيرهم من أعداء الله وأنهم عازمون على تفتيتنا وزرع الفتن الطائفية والمذهبية والعرقية والدينية في ديارنا ليفتتونا ويضعفونا ليقضوا علينا.

-         ما حدث ينبهنا إلى قول الله تعالى : " وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ " (الأنفال46).

   فالتنازع يؤدي الى الفشل , والفشل يؤدي إلى ضياع القوة وذهاب الدولة. من هنا نفهم ان ما يحدث من أعداء الله هو من الخير إذا استطعنا دراسته دراسة علمية منظمة ومجابهته مجابهة علمية جماعية منظمة وصدق الله العظيم عندما قال:" إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ " (النور11).

   لقد كشفت حادثة الإفك المنافقين والكاذبين والحاقدين على الإسلام والمسلمين وتكشف الاساءات الحالية الى رسول الإنسانية الحقد الدفين والمخطط الخطر للقضاء على الاسلام والمسلمين. وكما قال الله تعالى: "فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً " (النساء19).

   المهم أن نتعلم ونعي الدرس ونعمل على إفساد مخططات أعدائنا بطريقة علمية شرعية منظمة وصحيحة.

 




 

أ.د. نظمي خليل أبو العطا  موسى

www.nazme.net

أخبار الخليج – الملحق الاسلامي

العدد (11060) الجمعة غرة رجب 1429هـ - 4 يوليو 2008م

 

 



 

 

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article
N
salamoalaykom,<br /> jazakai LLAH kola kheir ala hada daresi nabil wa ladi laho maena qawiy,<br /> as'alo LLAH laki, okhti, atawfiq wa mazidan mina ta'aloq wa najah bi idni LLAH .
Répondre
A
salamoalikom<br /> mawdou3 motamayiz lilghaya:hada in dala 3an chay2 fainama yadollo ala tawasoliki anabil fi nti9aa al'ahsan wa almofi mina almawadi3<br /> jazaki LLAH khayran wa domti fi amani ALHAFID
Répondre